فصل: وفاة أسد.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.وفاة أسد.

وفي ربيع الأول سنة عشرين توفي ابن عبدا القسري بمدينة بلخ واستخلف جعفر بن حنظلة النهرواني فعمل أربع أشهر ثم جاء عهد نصر بن سيار بالعمل في رجب.

.ولاية يوسف بن عمر الثقفي على العراق وعزل خالد.

وفي هذه السنة عزل هشام خالدا عن أعماله جميعها بسعاية أبي المثنى وحسان النبطي وكانا يتوليان ضياع هشام بالعراق فنقلا على خالد وأمر الأشدق بالنهوض على الضياع وأنهى ذلك حسان بعد أبي المثنى وأن غلته في السنة ثلاثة عشر ألف ألف فوقرت في نفس هشام وأشار عليه بلال بن أبي بردة العريان بن الهيثم إن يعرض أملاكه على هشام ويضمنون له الرضا فم يجبهم ثم شكا من خالد بعض آل عمر والأشدق بأنه أغلظ له القول بمجلسة فكتب إليه هشام يوبخه ويأمره بأن يمشي ساعيا على قدميه إلى بابه ويترضاه ونميت عنه من هذا أقوال كثيرة وأنه يستقل ولاية العراق فكتب إليه هشام: يا ابن أم خالد بلغني أنك تقول ما ولاية العراق لي بشرف يا ابن اللخناء كيف لا تكون إمرة العراق لك شرفا وأنت من بجيلة القليلة الذليلة؟ ولما والله إني لأظن أن أول من يأتيك صقر من قريش يشد يديك إلى عنقل ثم كتب إلى يوسف بن عمر الثقفي وهو باليمن يأمره أن يقدم في ثلاثين من أصحابه إلى العراق فقد ولاه ذلك فسار إلى الكوفة ونزل قريبا منها وقد ختن طارق خليفة خالد بالكوفة ولده وأهدى إليه وصيفا ووصيفة سوى الأموال والثياب ومر يوسف وأصحابه ببعض أهل العراق فسألوهم فعرضوا وظنوهم خوارج وركب يوسف إلى دور ثقيف فكتموا ثم جمع يوسف بالمسجد من كان هنالك من مضر ودخل مع الفجر فصلى وأرسل إلى خالد وطارق فأخذهما وقيل إن خالدا كان بواسط وكتب إليه بالخبر بعض أصحابه من دمشق فركب إلى خالد وأخبره بالخبر وقال: إركب إلى أمير المؤمنين واعتذر إليه قال: لا أفعل بغير إذن قال: فترسلني أستأذنه قال: لا قال: فاضمن له جميع ما انكسر في هذه السنين وآتيك بعهده وهي مائة ألف ألف قال: والله ما أجد عشرة آلاف ألف قال: أتحملها أنا وفلان وفلان قال: لا أعطي شيئا وأعود فيه فقال طارق: إنما نقيك ونقي أنفسنا بأموالنا ونستبقي الدنيا وتبقى النعمة عليك وعلينا خير من أن يجيء من يطالبنا بالأموال وهي عند الكوفة فنقتل ويأكلون الأموال فأبى خالد من ذلك كله فودعه طارق ومضى وبكى ورجع إلى الكوفة وخرج خالد إلى الحمة وجاء كتاب هشام بخطه إلى يوسف بولاية العراق وأن يأخذ ابن النصرانية يعني خالدا وعماله فيعذبهم فأخذ الأولاد وسار من يومه واستخلف على اليمين ابنه الصلت وقدم في جمادى الأخيرة سنة عشرين ومائة فنزل النجف وأرسل مولى كيسا فجاء بطارق ولقيه بالحيرة فضربه ضربا مبرحا ودخل الكوفة وبعث عثمان عطاء بن مقدم إلى خالد بالحمة فقدم عليه وحبسه وصالحه عنه أبان بن الوليد وأصحابه على سبع آلاف ألف وقيل أخذ منه مائة ألف وكانت ولايته العراق خمس عشرة سنة ولما ولي يوسف نزلت الذلة بالعراق في العرب وصار الحكم فيه إلى أهل الذمة.

.ولاية نصر بن سيار خراسان وغزوه وصلح الصغد.

ولما مات أسد بن عبد الله ولى هشام على خراسان نصر سيار وبعث إليه عهده على عبد الكريم بن سليط الحنفي وقد كان جعفر بن حنظلة لما استخلفه أسد عند موته عرض على نصر أن يوليه بخارى فقال له: البحتري بن مجاهد مولى بني شيبان لا تقبل فإنك شيخ مضر بخراسان وكان عهدك قد جاء على خراسان كلها فكان كذلك ولما ولي نصر استعمل على بلخ مسلم بن عبد الرحمن وعلى مرو الروذ وشاح ابن بكير بن وشاح وعلى هراة الحراث بن عبد الله بن الحشرج وعلى نيسابور زياد بن الرحمن القسري وعلى خوارزم أبا حفص علي بن حقنة وعلى الصغد قطن بن قتيبة وبقي أربع سنين لا يستعمل في خراسان إلا مضريا فعمرت عمارة لم تعمر مثلها وأحسن الولاية والجباية وكان وصول العهد إليه بالولاية في رجب سنة عشرين فغزا غزوات أولها إلى ما وراء النهر من نحو باب الحديد وسار إليها من بلخ ورجع إلى مرو فوضع الجزية على من أسلم من أهل الذمة وجعلها على من كان يخفف عنه منهم وانتهى عددهم ثلاثين ألفا من الصنفين وضعت عن هؤلاء وجعلت على هؤلاء ثم غزا الثانية إلى سمرقند ثم الثالثة إلى الشاش سار إليها من مرو ومعه ملك بخارى وأهل سمرقند وكش ونسف في عشرين ألفا وجاء إلى نهر الشاش فحال بينه وبين عبوره كورصول عسكر نصر في ليلة ظلماء ونادى نصر لا يخرج أحد وخرج عاصم بن عمير في جند سمرقند فجاولته خيل الترك ليلا وفيهم كورصول فأسره عاصم وجاء به إلى نصر فقتله وصلبه على شاطئ النهر فحزنت الترك لقتله وأحرقوا أبنيته وقطعوا آذانهم وشعورهم وأذناب خيولهم وأمر نصر بإحراق عظامه لئلا يحملوها بعد رجوعه ثم سار إلى فرغانة فسبى منها ألف رأس وكتب إليه يوسف بن عمران ليسير إلى الحرث بن شريح في الشاش ويخرب بلادهم ويسبيهم فسار لذلك وجعل على مقدمته يحيى بن حصين وجاء بهم إلى الحرث وقاتلهم وقتل عظيما من عظماء الترك وانهزموا وجاء ملك الشاش في الصلح والهدنة والرهن واشترط نصر عليه إخراج الحرث بن شريح من بلده فأخرجه إلى فاراب واستعمل على الشاش ينزل ابن صالح مولى عمرو بن العاص ثم سار إلى أرض فرغانة وبعث أمه في إتمام الصلح فجاءت لذلك وأكرمها نصر وعقد لها ورجعت وكان الصغد لما قتل خاقان طمعوا في الرجعة إلى بلادهم فلما ولي نصر بعث إليهم في ذلك وأعطوه ما سألوه من الشروط وكان أهل خراسان قد نكروا شروطهم وكان منها أن لا يعاقب من ارتد عن الإسلام إليهم ولا يؤخذ منهم أسرى إلا ببينة وحكم وعاب الناس ذلك على نصر لما أمضاه لهم فقال: لو عاينتم شكوتهم في المسلمين مثل ما عانيت ما أنكرتم وأرسل إلى هشام في ذلك فأمضاه وذلك سنة ثلاث وعشرين.